صحار.. بهجة الأنظار

تعد مدينة صحار في ساحل شمال الباطنة والمطلة على بحر عمان إحدى أهم المدن في التاريخ العماني ومنها انطلق عهد الأسرة البوسعيدية في حكم سلطنة عمان عندما تمت مبايعة واليها الإمام أحمد بن سعيد حاكما. وتاريخيا كانت صحار ميناء معروفا لتصدير النحاس قبل الميلاد، وتناولها المؤرخون كالحموي والاصطخري والمقدسي والفارسي في معاجمهم وكتبهم التاريخية والجغرافية الشهيرة حيث وصفوا صحار بأنها قصبة عمان وسوق الدنيا وخزانة الشرق وممر الصين وبأنها كانت أكثر المدن الساحلية عمارا ومالا في هذه المنطقة من العالم.

صحار اليوم ورغم أنها تعد مدينة صناعية بامتياز حيث يعتبر ميناء صحار هو الميناء الصناعي الأكبر في سلطنة عمان، فإنها تعد أيضا أبرز الوجهات السياحية على ساحل الباطنة في الشمال نظرا لموقعها الجغرافي والمقومات السياحية البيئية التي تتمتع بها بالإضافة إلى التخطيط العمراني المنظم ومشروعات البنية الأساسية والتنمية الشاملة التي حظيت بها في عصر النهضة المباركة لدولة عمان الحديثة منذ تولي حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم – حفظه الله ورعاه – مقاليد الحكم في العام 1970.

مطار صحار يستقبل حركة الطائرات الداخلية والإقليمية وبينها رحلة يومية للطيران القطري الذي يقدم مع الطيران العماني وبالإضافة إلى حجز تذاكر السفر، عروضا ترويجية للعطلات تشمل الإقامة الفندقية والوجبات في عدد من فنادق مدينة صحار التي تعد وجهة رئيسية للعطلات القصيرة في إجازة نهاية الأسبوع من داخل وخارج عمان.

زيارة صحار تعني التعرف على مقوماتها السياحية الثقافية ومعالمها الحضارية التاريخية والتعايش والتعامل مع انسان عمان الطيب البشوش المضياف من جانب بالإضافة إلى فرصة زيارة الولايات الخمس الأخرى التي تتكون منها محافظة شمال الباطنة.

من أبرز المقومات السياحية والمواقع التي يمكن زيارتها في مدينة صحار جامع السلطان قابوس وهو معلم إسلامي مميز بقبابة الفيروزية الجميلة وزخارفه ونقوشه الفارسية ويعتبر تحفة معمارية إسلامية أصيلة المبنية على طراز الجوامع الأوزبكية الشهيرة في سمرقند وبخارى.

هنالك أيضا بوابة صحار الشهيرة والتي أنشأت بشكلها الحديث في العام 2003، وقلعة صحار التاريخية العريقة بأبراجها الستة ومتحفها المعروف (يتم صيانة القلعة حاليا) وتعد من أبرز مواقع الجذب السياحي في صحار وتطل على الواجهة البحرية (الكورنيش) الذي يمتد من القلعة إلى ميناء الصيد البحري. كما لا تفوت الفرصة لزيارة سوق صحار الشهير بالإضافة إلى سوق القلعة للصناعات الحرفية والأسواق الأخرى التي تم تخصيصها للخضروات والفواكه، والأسماك، والمواشي حيث أن التواجد هناك ومشاهدة العمانيين أثناء عملية البيع وخصوصا في المزادات تعد تجربة جميلة.

بالإضافة إلى قلعة صحار هنالك قلاع وحصون ومواقع تاريخية أخرى منتشرة في الولاية أبرزها حصن سهيلة وحصن حيبي.

كما تشتهر ولاية صحار بأوديتها الجارية والتي تعتبر مواقع جذب سياحي على مدار العام كوادي الجزي ووادي حيبي ووادي الحلتي ووادي عاهن ووادي الصلاحي، وبسهولها الخضراء ومزارعها الممتدة التي لطالما كانت مصدرا للصناعات الغذائية ومنتجات الألبان، وبحدائقها ومنتزهاتها الطبيعية وأبرزها حديقة اليوبيل الفضي التي افتتحت في العام 1995 وحديقة صحار العامة ومنتزه الأنس الطبيعي ومنتزه مجيس ومنتزه المنيال بالإضافة إلى مركز صحار الترفيهي.

وتوجد في صحار العديد من مراكز التسوق الحديثة كمركز سنتر بوينت وسفير مول وكارفور واللولو والميرة والزيتون.

أما المنشآت الفندقية فهي متعددة ومتنوعة بين الفنادق والشقق الفندقية ولعل أبرزها فندق شاطئ صحار بموقعه المتميز على بحر عمان، وفندق راديسون بلو الذي يعتبر من أحدث الفنادق وأرقاها ويطل أيضا على الساحل، بالإضافة إلى فندق مركيور بجوار جسر صحار، وفندق راديسون بلو على طريق وادي الجزي.

اكتشف شمال الباطنة

تعتبر صحار العاصمة الإدارية لمحافظة شمال الباطنة في الجزء الشمالي الغربي من سلطنة عمان وتضم هذه المحافظة ست ولايات هي شناص ولوى وصحار وصحم والخابورة والسويق حيث يتوسط السهل الزراعي الممتد لهذه المحافظة سلسلة جبال الحجر الغربي من جهة والشواطئ الرملية الناعمة المطلة على بحر

عمان من جهة.

وتعتبر ولاية السويق هي المحطة الأولى والولاية الأقرب في محافظة شمال الباطنة بالنسبة للقادمين من محافظتي مسقط وجنوب الباطنة بينما شناص هي

الأولى والأقرب للقادمين من محافظة مسندم، فيما تعتبر صحار الأولى والأقرب للقادمين من محافظة البريمي.

وللراغبين في زيارة ولايات محافظة شمال الباطنة الأخرى خلال الفترة النهارية والعودة مساء إلى ولاية صحار حيث أنها تعد فرصة رائعة للتعرف على أبرز المقومات السياحية الثقافية والمعالم التاريخية والأنشطة التي يمكن مزاولتها في المحافظة خصوصا لأولئك الذين قد تمتد عطلتهم في صحار لأكثر من يومين، فإن برنامج الزيارة الذي تنصح به وزارة السياحة يشتمل على الأنشطة التالية:

اليوم الأول: ربما تفضل أن تبدأ يومك الأول بزيارة أكبر ولايات السلطنة مساحة وهي ولاية السويق حيث تتوجه إلى سوق السويق القديم وحصنها الأثري المطل على مرفأ الصيد الرئيسي بالولاية (الحصن تحت الصيانة حاليا) وإذا كنت مبكرا ستستمتع بمنظر الصيادين وهم يخرجون من البحر محملين بالأسماك، زيارة سوق السويق القديم تجربة جميلة ويمكنك أيضا هناك تناول الحلوى العمانية والحلويات والمعجنات التقليدية التي تشتهر بها مخابز الولاية. وأنت تغادر مركز ولاية السويق باتجاه طريق الباطنة الرئيسي يمكنك التوقف لرؤية جامع السلطان قابوس الذي يعد معلما بارزا وتحفة معمارية. يوجد في ولاية السويق أيضا مواقع تاريخية أخرى بخلاف حصنها الشهير، هنالك حصن الثرمد وسور آل هلال وسور المغابشة والبورشيد. يمكنك التوجه إلى وادي الجهاور وقرية الحيلين القديمة لتناول وجبة الغداء ومنها نحو مشايق بني خروص لتحظى بفرصة رائعة لالتقاط الصور التذكارية بخلفية ذهبية من الكثبان الرملية، ويمكنك أن تنهي نهارك بالتسوق في سوق البداية أو بزيارة بلدة بدت التي تشتهر بمزارع النخيل والمشاهد الطبيعية البكر على سفوح الجبال.

اليوم الثاني: مشهد شروق الشمس من ميناء الخابورة يجب أن يكون بدايتك الجديدة في اليوم الثاني، منه توجه نحو حصن الخابورة الشامخ والمتميز بموقعه المرتفع ذو الإطلالة الخلابة على شاطئ بحر عمان، وتجول في أرجاء الحصن البديع لتكتشف كيف عاش سكانه قبل عقود طويلة خلت، ومنه انتقل إلى الجهة العكسية خلف شارع الباطنة الرئيسي باتجاه الجبال وتجول في وادي الحواسنة الشهير الذي يخترق السلاسل الجبلية الشاهقة لمسافة تصل إلى 70 كم ويتصل بالعديد من الأودية والمجاري المائية التي تصب في بحر عمان. توجه بعدها لزيارة قرية الغيزين الأثرية الغنية بأشجار النخيل والسدر العملاقة والأفلاج المائية التي بناها العمانيون الأوائل وحافظت عليها الأجيال اللاحقة حتى يومنا هذا، من الغيزين تابع تقدمك نحو وادي الصرمي البديع مرورا بقرية الظويهر بمركبات الدفع الرباعي التي ستمكنك من الوصول إلى أماكن بعيدة أقرب إلى الخيال.

اليوم الثالث: زيارة صباحية باكرة لحصن صحم المطل على شاطئ البحر يمكن أن تكون بداية جيدة لليوم الثالث، ويلاحظ هنا أن معظم الحصون الرئيسية لولايات شمال وجنوب الباطنة الساحلية تقع جميعها على الشاطئ ولذا كانت المنطقة المحيطة بالحصن هي مركز الولاية. ومنه تستطيع التوجه نحو وادي بني عمر الشهير بينابيعه الكبريتية الحارة حيث أنها فرصة لا تعوض للاستشفاء بمياه هذه الينابيع الرائعة دائمة الجريان، وزيارة الحارة القديمة الأثرية. ولاية صحم هي الأقرب لصحار حيث تفصلهما البوابة فقط بل إن قرية مجز على سبيل المثال متداخلة بينهما.

اليوم الرابع: خصص هذا اليوم لزيارة ولايتي لوى وشناص في أقصى شمال الباطنة، ابدأ من حصن لوى ذو التصميم المعماري الفريد، ومنه إلى سوق لوى الزاخر بالمنتجات المحلية المتميزة، توجه بعدها إلى قرية فزح الجميلة لزيارة قلعتها الشهيرة والتعرف على هندسة بنائها وزخارفها الجميلة. يمكنك أيضاً زيارة وادي الزهيمي وقرية الغبرة المشهورة بشجرة التين البري التي تعرف محليا باسم «الماشوه »، وهي من أقدم وأندر الأشجار المعمرة في المنطقة.

كما يمكنك أيضاً ممارسة رياضة المشي على طول شاطئ حرمول الذي تظلله أشجار القرم الضخمة. من ولاية لوى توجه إلى ولاية شناص ومنتزهها الطبيعي الشهير على شاطئ البحر، استمتع بوقت رائع أثناء زيارة الأودية الشهيرة في المنطقة مثل فيض، رجماء، ووادي عجيب الذي له من اسمه الكثير، أنهي رحلتك بزيارة سريعة إلى حصن شناص الأثري وقرية رسة الملح ذات الجغرافيا البديعة.