مسقط .. قلب عمان النابض وامتزاج التراث والتاريخ بالحداثة والمعاصرة

ـ جبال مسقط تحتضن بحرها والتاريخ ينحت شواهد على العراقة والأصالة

تعتبر محافظة مسقط قلب عُمان النابض الذي يمتزج فيه التراث الحضاري القديم بالطابع العصري الحديث. فالزائر لمحافظة مسقط، وولاياتها الست (مسقط، ومطرح، وبوشر، والسيب، والعامرات، وقريات) يشاهد التمازج الرائع والفريد إقليميا بين التراث الثقافي الحضاري وبين الطابع المعماري العصري الحديث، فترى فيها المنازل والأسواق القديمة والمحلات الصغيرة والأزقة الضيقة بجانب المنازل والأسواق الحديثة والمحلات والشوارع الواسعة لتمتزج شخصيتها التاريخية والحضارية بروح العصر والحداثة لتشكل معا لوحة جميلة يأتي إليها السياح من مختلف الأماكن لمشاهدة هذه المحافظة التي رسم بحرها وجبالها وسهولها وخيرانها وتاريخها ومكتسبات حاضرها المشرق لوحة فنية رائعة.

الموقع الجغرافي للمحافظة وتضاريسها الرائعة ومقوماتها البيئية الطبيعية أعطتها بعدًا سياحيًا فريدًا جعلها وجهه للسائح حيث لا تكفي الزيارة القصيرة لاكتشاف

الكنوز الطبيعية والمقومات السياحية التي تتمتع بها هذه العاصمة التاريخية العريقة.

ونظراً للإقبال الكبير من السياح وتزايد أعدادهم عاما بعد عام لاكتشاف السلطنة سياحيا بصفة عامة ومسقط العاصمة بصفة خاصة، فقد أنشئت المنتجعات والمنشآت الفندقية ذات الطراز المعماري الجميل والمتعددة التصنيفات والمستويات حتى تستوعب الأعداد المتزايدة من هؤلاء السياح من الداخل والخارج.

بعض هذه المنشآت الفندقية تعتبر الإقامة فيها تجربة سياحية بحد ذاتها والمثال على ذلك فندق قصر البستان ريتز كارلتون ومنتجع شنغريلا بر الجصة، أضف إليها الفنادق الشهيرة في وسط العاصمة كجراند حياة والانتركونتيننتال وغيرها من مختلف العلامات العالمية المعروفة أو المحلية المتفردة.

وبالإضافة إلى الشهرة العالمية التي تحظى بها محافظة مسقط على مستوى الجمال والنظافة والطابع المعماري، فإن الحدائق والمتنزهات الطبيعية الجميلة التي تتوزع في ربوع محافظة مسقط تعتبر محطة لارتياد السياح والمواطنين والمقيمين على حد سواء، من أبرز هذه الحدائق والمنتزهات القرم وريام والوادي الكبير والصحوة.

شواطئ محافظة مسقط الرملية والجبلية، والأخوار الممتدة من السيب إلى قريات تعتبر منطقة جذب رئيسية وتسهم إسهاما بارزا في إنعاش الحركة السياحية، ومثلما يتميز بعضها بالهدوء وبأنها مواقع راحة واستجمام، فإن بعضها الآخر هي مواقع لممارسة العديد من الأنشطة الترفيهية والرياضية البحرية وبعضها تنتشر فيه المقاهي والمرافق الخدمية والسياحية المختلفة. من أبرز شواطئ محافظة مسقط المعروفة شاطئ القرم والصاروج والموج والسيب وقريات والعذيبة ويتي والخيران.

المراكز التجارية والأسواق تنتشر في مختلف أرجاء محافظة مسقط، بعضها ذو طابع تقليدي والآخر عصري، سوق مطرح التقليدي هو أشهرها وهو من نوعية الأسواق التاريخية القديمة التي تتوزع في مختلف دول العالم والتي بنيت قبل عدة قرون وأرخت لحقب مختلفة وظلت محافظة على طابعها وأصالتها، سوق مطرح ببوابته التاريخية القديمة وبإطلالته على خليج مطرح وبمحلاته الصغيرة وأزقته الضيقة المتفرعة يمثل أحد مواقع الجذب السياحي الرئيسية في السلطنة لاسيما وأنه يطل على ميناء السلطان قابوس الذي ترسو به السفن السياحية العملاقة “كروز” والذي يتم تطويره حاليا. هنالك أيضا السوق التجاري المعروف في ولاية السيب وسوق الخوض وسوق قريات وسوق روي حيث تمتد المحلات التجارية في خطوط متوازية. أما مراكز التسوق الحديثة فهي متنوعة ولعل أبرزها مسقط سيتي سنتر، القرم سيتي سنتر، وعمان أفينيوز مول، ومسقط جراند مول، وبانوراما، وسابكو، وقريبا البوليفارد، ومسقط مول، ومركز التسوق الأكبر من نوعه وهو مول عمان.

وانطلاقا من الدور الهام الذي لعبته مسقط خلال حقب التاريخ المختلفة تزخر المحافظة بالعديد من الشواهد التي تؤكد عراقتها إضافة إلى عدد من المؤسسات العلمية والثقافية منها المتاحف التي تعتبر نوافذ شاهدة وموثقة على التاريخ بأبعاده وزواياه، حيث تضم مسقط عددا من المتاحف المختلفة، تعرض أقدم المقتنيات الأثرية وتقدم لزائرها جانبًا من التاريخ والثقافة العمانية.

والزائر للسلطنة وإذا ما أراد التعرف على تفاصيل تاريخها فلا بد له من زيارة جانب من تلك المتاحف، حيث تعد زيارتها ضمن المحطات الرئيسية في خريطة مسقط السياحية ومن هذه المتاحف المتحف الوطني، والمتحف العماني الفرنسي، ومتحف السيد فيصل بن علي، ومتحف بيت البرندة، ومتحف التاريخ الطبيعي، ومتحف بوابة مسقط، ومتحف بيت الزبير، ومتحف الطفل، ومتحف المدرسة السعيدية، وغيرها الكثير من المتاحف.

جامع السلطان قابوس الأكبر

يعد “جامع السلطان قابوس الأكبر” والواقع في ولاية بوشر والمطل على شارع السلطان قابوس أحد أشهر معالم محافظة مسقط وهو أكبر مساجد السلطنة وواحد من أكبر المساجد على مستوى العالم ويمثل جانبًا مهمًا من العمارة الإسلامية حيث يتميز تصميمه باحتوائه على مختلف الفنون المعمارية والجداريات مثل فن الزليج المغربي والجداريات المغولية بجانب الممرات والقباب والمنائر والحدائق الواسعة والنوافير المائية.

ويشغل الجامع بمختلف منشآته ومرافقه وحدائقه مساحة كبيرة في قلب العاصمة، وتزين قاعة الصلاة الرئيسية أكبر سجادة فارسية في العالم، نسجتها أيدي أكثر من ستمائة امرأة على مدى أربع سنوات، ويحتوي المسجد أيضا على أكبر ثريا في العالم، ويعد الجامع منبرا دينيا ثقافيا علميا، وهو أيضا أحد أهم المزارات السياحية في مسقط حيث يسمح بالزيارة يومياً بين الثامنة والحادية عشرة صباحا بجانب إمكانية زيارة واستخدام مكتبته الرئيسية.

دار الأوبرا السلطانية مسقط

إضافة لما تمثله كمركز تواصل وتبادل ثقافي حضاري وما تحتضنه من فعاليات وعروض فنية وموسيقية من مختلف دول العالم، تعد دار الأوبرا السلطانية مسقط بمختلف مرافقها أحد أهم المزارات السياحية بمحافظة مسقط، وهي متعددة المرافق والوظائف والاستعمالات حيث يمكنها أن تستضيف فعاليات مختلفة كحفلات الأوبرا والحفلات الموسيقية والعروض المسرحية والمؤتمرات والملتقيات الثقافية والفنية سواء في قاعاتها الرئيسية أو ساحتها الخارجية من خلال المعرض الدائم الذي تحتضنه لعدد من أشهر الآلات الموسيقية حيث تعد برامجها علامة بارزة تقدم الكثير من الفنون الرفيعة والبرامج المبتكرة التي تدعم مجالات المعرفة والإلهام لكافة المرتادين من عمان وأنحاء العالم.

ويعد مبنى دار الأوبرا السلطانية مسقط نقلة نوعية في تطور التصاميم المعمارية العمانية، حيث تم استثمار عناصر العمارة التقليدية العربية الإسلامية بطريقة متناغمة متناسقة مع مراعاة اختيار المواد المناسبة التي اشتهرت بها العمارة العربية الإسلامية مثل استعمال الحجارة الكبيرة والأخشاب المشغولة وتزيينها بنقوش بالغة الدقة والحرفية.

         ومبنى الدار مرتبط بالأوبرا غاليريا التي تعد أرقى وجهات التسوق في السلطنة بما تحتضنه من علامات تجارية عالمية ومعارض ومطاعم.

السياحة البحرية في مسقط

ببحرها الهادئ وشواطئها الخلابة تجتذب محافظة مسقط محبي أنشطة السياحة البحرية الراغبين في الاستمتاع بالسباحة والغوص وصيد الأسماك وكذلك مراقبة الطيور أو مشاهدة الدلافين أو الاستمتاع بشروق الشمس وسط طبيعة خلابة تسمح بالتخييم والاستجمام.

فانطلاقا من مرسى بندر الروضة وعلى متن القوارب السياحية يستمتع الزائر بمشاهدة معالم مسقط الجميلة عبر الساحل مثل قلعتي الجلالي والميراني وقصر العلم ومن ثم مشاهدة الدلافين في رحلة قد يتخللها الاستمتاع بالسباحة أو الغوص أو الألعاب المائية الأخرى قبل الرسو في شاطئ بندر الخيران، للاستمتاع بالجلسات العربية والنشاطات الأخرى.

وتختلف مواعيد وبرامج هذه الرحلات حسب التوقيت الزمني والشركة التي تقدم الخدمة فهي تنشط في موسم السياحة الشتوية الحالي نظرا للطقس الاستثنائي الذي تتمتع به مسقط في هذا الوقت من العام، وتصاحب هذه الرحلات باقة من الخدمات والفعاليات الترفيهية كركوب قوارب التجديف والقوارب المطاطية والسباحة السطحية وألعاب كرة الطائرة واليد والقدم على الشاطئ والمسابقات الترفيهية وحفلات الشواء وغيرها من الفعاليات التي تكون عادة مصاحبة لهذه

الرحلات.

أما عن الغوص فإن السلطنة تعد من أكثر وجهات الغطس شهرة في المنطقة لما تمتاز به من تنوع كبير في الحياة البحرية واحتوائها على العديد من الجرُوف البحرية والجزر الصغيرة والخلجان والكهوف التي تتنوع فيها الحياة البحرية والمرجانية الفريدة.

ومن أبرز مناطق الغوص حول العاصمة مسقط: الخيران، جزيرة الفحل، وجـزر الديمـانيات، وخليج المقبرة (مسقط القديمة)، إضافة إلى شاطئ بر الجصة، ويحوي كل من هذه المواقع على ما لا يقل عن 11 موقع غطس مختلف يتميز كل منها بالتنوع في بيئته.

ولعل من أبرز الأنشطة السياحية البحرية التي تشتهر بها محافظة مسقط هو رحلات مشاهدة الدلافين على بُعد بضعة كيلومترات من ساحل مسقط حيث تعيش في البحار العمانية وتفد إليها في بعض الأحيان حيتان ودلافين من نحو 20 نوعاً، ويعد دولفين سبنر (الدوار) الاكثر شيوعاً، وثمة مجموعات كبيرة منه قد تصل الى عدة مئات تعيش في المياه المحيطة بمحافظة مسقط. ولأجل ذلك يقوم كثيرون برحلات على القوارب الصغيرة لمشاهدة هذه الدلافين أثناء تأديتها استعراضات بهلوانية رائعة تتمثل في الدوران والانقلاب رأساً على عقب، مما أكسبها هذه التسمية